love4ever
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

love4ever

The angle of feeling
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

 

 لازم تدخلوا فاجعة الفجر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أميرة الاحساسAdmin
Admin
أميرة الاحساسAdmin


عدد المساهمات : 137
تاريخ التسجيل : 26/09/2009

لازم تدخلوا  فاجعة الفجر Empty
مُساهمةموضوع: لازم تدخلوا فاجعة الفجر   لازم تدخلوا  فاجعة الفجر Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 02, 2009 7:28 pm

فاجعة الفجر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى لا رب غيره ولا إلـه سواه وسع الخلائق خيره ولم يسع الناس غيره، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته فجزاه الله بأفضل ما جزى به نبيا عن أمته اللهم صل وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
فقد روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنه قال ذات يوم لنفسه لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ في بيته وخرج يسأل عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فكلما سأل عنه في مكان قيل له مر من هاهنا مر من هاهنا حتى علم أن النبي عليه الصلاة والسلام توجه إلى بئر أريس _في قباء اليوم_ فتبعه، فدخل صلى الله عليه وسلم حائطا أي بستانا، فتوضأ ثم جلس عند بئر أريس جلس على قُفِّها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فجلس أبو موسى الأشعري بوابا لرسولنا الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر يستأذن، فأذن له وقال له ائذن له وبشره بالجنة، فدخل أبو بكر وجلس بجوار رسولنا صلواته الله وسلامه عليه وكشف عن ساقيه ودلاهما كما فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم جاء عمر فاستأذن فأُذن له وقيل له بشره بالجنة، فدخل عمر فصنع ما صنع صاحباه، ثم جاء عثمان فاستأذن فأُذن له وقيل بشره بالجنة على بلوى تصيبه فقال عثمان: الله المستعان، ثم لما أتى البئر وجدهما قد امتلآ في الجهة التي هم فيها، فقابلاهما أي جلس في الجهة المقابلة، وكشف عن ساقيه ودلاهما كما فعل أصحابه من قبل صلى الله على نبيه ورضي الله عن أصحابه.
أيها المؤمنون كذلك المؤمنون الأخيار يتبعون سنة وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، كان الصحابة يلتمسونه حيا بين أظهرهم، ونحن اليوم نلتمس حياته وسيرته وهديه، في ما نقله المتقون الأبرار والصالحون الأخيار مما حوته كتب العلماء من سيرته صلوات الله وسلامه عليه. وفي العام التاسع كان عام الوفود، فقدم المدينة خلق كثير كلهم يفد إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ممثلا لعشيرته وقبيلته وقومه يريد أن يسمو بنفسه ويَزْكَى قلبه ويتطهر من الذنوب بملاقاة سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه، وقد ذكر ابن كثير رحمه الله بسنده أن ممن قدم ذئب قدم حتى أتى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوى فقال عليه الصلاة والسلام: هذا وافد السباع.
وأنتم أيها المؤمنون الأتقياء الأبرار ما جئنا جميعا إلا لنـتلمس بعضا من هديه صلوات الله وسلامه عليه، فكم في السنة من دلالات ضافية ومعان شامخة وعظات بالغة يفيء المؤمنون إلى فحواها ويقتبسون من سناها وهذا اللقاء إضاءات ثلاث إن نظرت إليها كعناوين وهي في عمومها تأملات وتدبر في سيرة خاتم النبيين وسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.

أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان *** إذا لم يتخذك له كتابا
مدحت المالكين فزدت قدرا *** فلما مدحتك اجتزت السحابا

فمن يغتر بالدنيا فإني *** لبست بها فأبليت الثيابا
لها ضحك القيان إلى غبي *** ولي ضحك اللبيب إذا تغابى
جنيت بروضها ورداً وشوكا *** وذقت بكأسها شهداً وصابا
فلم أر مثل حكم الله حكما *** ولـم أر مثل باب الله بـابـا

أيها المؤمنون للعلماء في تتبع السيرة العطرة طرائق عدة، منها طرائق الفقهاء في استنباط الأحكام، ومنها ما نشرع فيه اليوم من التتبع العام لهديه صلوات الله وسلامه عليه، فنستضيء قدر ما أمكن ببعض سيرته فيكون العنوان مدخلا لما يريد أن يُبَثّ في الناس من الهدي النبوي والسيرة العطرة والأيام النظرة لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه، وهذه الإضاءات على الترتيب :
صلاة الفجر
الريحنتان
الحياة البرزخية

سنبدأ بأولاها صلاة الفجر

هدي الأنبياء الأعظم القيام بالعبادات والصلوات ذروة العبادات، وصلاة الفجر ذروة الصلوات وتاجها، أفردها الله جل وعلا في القرآن ذكرا فقال جل جلاله: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) فجعل الله جل وعلا الفرائض الأربعة يتبع بعضها بعضا، وأفرد صلاة الفجر لوحدها زمانا وأثرا، صلاة الفجر أحد أعظم الأسباب في رؤية وجه الله تبارك وتعالى، وليس للمؤمنين غاية أعظم من أن يروا وجه ربهم تبارك وتعالى. أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث جرير بن عبد الله البُجَلي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى القمر ليلة البدر فقال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك لأصحابه: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم تلا صلوات الله وسلامه عليه: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)[طه : 130] " قال العلماء من المفسرين وغيرهم قالوا: قبل طلوع الشمس أي صلاة الفجر وقبل غروبها أي صلاة العصر، صلاة الفجر أيها المؤمنون المحافظة عليها جماعة في مساجد المسلمين للرجال دلالة على البراءة من النفاق، قال عليه الصلاة والسلام: (ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا) صلاة الفجر مع أخواتها مما يؤدى في الظلمة يُكسب المؤمن نورا تاما في عرصات يوم القيامة، يوم ما يكون المؤمن أحوج ما يكون إلى النور، قال عليه الصلاة والسلام: (بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة).
صلاة الفجر أيها المؤمنون ارتبطت في تاريخ الأمة بأحداث عظام، إما بفقد عظمائها أو بآمالها أو بآلامها على من تتبع السيرة والتاريخ الإسلامي كله سيجد إرثا كبيرا في قضية صلاة الفجر، صلاة الفجر آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم قبل موقعة يوم بدر، فإنها كانت صبيحة اليوم السابع عشر من شهر رمضان، فكان آخر عهد من استشهدوا من الصحابة في بدر ومن انتصروا كان آخر عهدهم بالدنيا آنذاك صلاة الفجر خلف رسولنا صلى الله عليه وسلم، صلاة الفجر صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر على مقربة من خيبر قبل أن يصل إليها على أشرافها على أطرافها صلى صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الصبح ثم دخل خيبر، فلما دخل على خيبر بعد أن طلعت الشمس إذا اليهود خارجون إلى أراضيهم ومعهم المساحي والمكاتل، فتفاءل صلى الله عليه وسلم بما في أيديهم، وقال عليه الصلاة والسلام: (الله أكبر خربت خيبر إننا إذا نزلنا بساحة أرض فساء صباح المنذرين).
صلاة الفجر آخر صلاة صلاها نبينا صلى الله عليه وسلم في مكة قبل وفاته، فإنه عليه الصلاة والسلام حج حجة الوداع في العام العاشر ولم يعش بعدها نبينا عليه الصلاة والسلام أكثر من ثلاثة أشهر، ولما كان في اليوم الثالث عشر رمى الجمرات الثلاث وقال قبلهاSad إنا نازلون غدا في خيف بني كنانة) فنزل عليه الصلاة والسلام في خيف بني كنانة، وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وعند السحر قبل الفجر نزل عليه الصلاة والسلام إلى الحرم، فطاف طواف الوداع ثم صلى صلاة الفجر بأصحابه وبأهل مكة، ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى المدينة تشرف به المهاد والنجاد يكبر على كل شَرَف من الأرض، فكانت صلاة الفجر آخر صلاة صلاها نبينا صلى الله عليه وسلم في مكة. و صلاة الفجر آخر صلاة صلاها الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ونبينا عليه الصلاة والسلام حي بين أظهرهم، فلم يصلوا صلاة بعد صلاة الفجر إلا والنبي عليه الصلاة والسلام قد مات وانتقل إلى الرفيق الأعلى والمحل الأسنى، فإن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكشف الستار الذي ما بين المسجد وبين حجرة عائشة وأطل عليهم وهم يصلون خلف أبي بكر صلاة الفجر فقرت عينه واطمأنت نفسه وتهلل وجهه كأنه ورقة مصحف رغم وطأة الحمى عليه صلوات الله وسلامه عليه. ثم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام ارتبطت صلاة الفجر كما بيّنا بكثير من الأحداث العظام بفقد عظماء الأمة. تقول السيدة الجليلة الصحابية أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنها وأرضاها: مالي ولصلاة الفجر، هذه الصحابية ولدت قرابة سنة ست من الهجرة، رأت النبي عليه الصلاة والسلام لكنها لم ترو عنه لأنه مات وسنها أربع سنين، هذه الصحابية أرادها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لنفسه أن يتزوجها حتى يكون بينه وبين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب، فكلم أباها عليا فاعتذر بصغر سنها فلما رأى إلحاحه قال له: إنني سأبعثها إليك، فإن رضيت بها فثم، فأعطاها بُردا وقال لها اذهبي به إلى أمير المؤمنين، فذهبت به إلى عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلما رآها كشف عن ساقها بعد أن لمسه فقالت له وهي لا تعلم ما كان بينه وبين أبيها، قالت لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، فرجعت إلى أبيها فأخبرته الخبر، وقالت: يا أبتاه لقد بعثتني إلى شيخ سوء، فقال رضي الله عنه وأرضاه: يا بنية هذا زوجك، فتزوجها عمر رضي الله تعالى عنه وأصدقها أربعين ألفا ولم يكن يعطى مهر في ذلك الزمان بمثل هذا القدر لكن عمر رضي الله تعالى عنه فرحا بأنه أصبح على نسب بآل رسولنا صلوات الله وسلامه عليه، فلما تزوجها عمر مكثت عنده ما شاء الله، ثم خرج عمر إلى صلاة الفجر، ثم أعيد به إلى بيته ليقال لها رضي الله عنها وأرضاها طعن زوجك وقتل في صلاة الفجر. ثم بعد عمر رضي الله تعالى عنه تزوجها بعض الصحابة، فخرجت مع أبيها علي بن أبي طالب إلى الكوفة فلما كان يوم السابع عشر من رمضان خرج علي رضي الله تعالى عنه ليصلي بالناس صلاة الفجر فطعن علي وضربت عنقه وهو ذاهب إلى صلاة الفجر فأعيد إلى بيته ليقال لتلك المرأة كرة أخرى إن أباك قد قتل وهو ذاهب إلى صلاة الفجر فقالت رضي الله عنها وأرضاها: سبحان الله مالي ولصلاة الفجر. وفي عصرنا هذا يوم الاثنين الماضي كما لا يجهله أحد اغتالت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين رحمه الله شيخ المجاهدين والمرابطين في عصرنا ولا نزكي على الله أحدا، اغتالته وهو خارج من صلاة الفجر حتى قال بعض العلماء العصرنا وهي كلمة محمودة قال :إن أول من يعزى في الشيخ أحمد أهل صلاة الفجر ،لأن أهل صلاة الفجر في الأمة قوم مميزون فاغتالته إسرائيل تريد أن تُعرِّف الناس بمنطق حق القوة وليأتين عليها يوم بإذن الله يُعرِّفها أهل الإسلام بمنطق قوة الحق وشتان بين الحالتين لمن تدبر اللفظين وما يعقلها إلا العالمون. وقد كان اغتياله رحمه الله تعالى فجيعة على الأمة ينضم مع الفارق إلى سلسلة من فقدتهم الأمة من عظمائها ومجاهديها وأمرائها عبر السنين ممن ارتبط موتهم بصلاة الفجر بعد أن أنشأ جيلا قرآنيا في الدور والمساجد وحلقات التحفيظ خرج أولئك الشباب بعد ذلك بقوة الإيمان التي في قلوبهم يقفون أمام آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية وحلفائها بما أورثهم الله جل وعلا من اليقين في قلوبهم وهذا اليقين رُبُّوا من خلاله على سور القرآن وإلا يستحيل عقلا ونقلا أن يقف أولئك الشباب والفتيان شامخين أمام العدو لو لم يكن في قلبهم من الإيمان واليقين والقرآن ما يثبتهم الله جل وعلا به

اضرب تحجرت القلوب وليس لها إلا الحجر
اضرب فمن كفيك ينهمر المطر
في خان يونس في بلاطة في البوادي والحضر
وَلَّى زمان الخوف أثمر في مساجدنا الشرر
في فتية الأنفال والشورى ولقمان وحفاظ الزمر

رضي الله عن كل مؤمن جاهد في سبيل الله

أيها المؤمنون يقول نبيكم صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر فهو في ذمة الله) فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته. إن أعظم ما يقف به المؤمن على هدي محمد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام مات وهو محافظ على هذه الصلاة وغيرها أعظم حفظ حتى إنه قال في السنة القبلية التي قبلها : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) وإن من أعجب العجب أن يفقد الإنسان حياءه من ربه جل وعلا فيسهر على لهو محرم أو يمكث على الفساد أيا كانت صوره الليل كله حتى إذا دنا الفجر نام فإذا أصبح لعمله أو تجارته أو غير ذلك خرج يرجو الرزق ولا رزق إلا من الله يرجو أن يأمن العواقب ولا حافظ إلا الله يرجو أن يوفق ويسدد في ما يقول ويفعل والمسدد والموفق والمعطي والمانع الله فيطلب ما عند الله وقد عصاه من قبل وفرط في أعظم فرائضه يقول الله تبارك وتعالى: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ * أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الملك : 20، 21، 22] إن من أعظم الفأل ودلائل النجاح وأسباب الفلاح أن يؤدي الإنسان إن كان رجلا صلاة الفجر في جماعة مع المسلمين وأن تؤديها المرأة أو الفتاة في وقتها في بيتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فأداء صلاة الفجر نوع من السكينة والاطمئنان وأمان ويقع المؤمن في ذمة الله وليس المراد أن يكون المؤمن في ذمة الله أنه لا يصيبه أذى هذا لا يمكن أن يثبت لا عقلا ولا نقلا فإن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الفجر يوم أحد ومع ذلك كسرت رباعيته وشج رأسه وأدمي عليه الصلاة والسلام ولكن المقصود أن الإنسان إذا بقي يبقى على خير وعافية وإن قبض يقبض وقد كان في ذمة رب العالمين جل جلاله والله تبارك وتعالى خير الحافظين، فكل سبب أدى إلى المحافظة عليها يجب أن يَشرع المؤمن ويسعى إليه وكل سبب أعاق عنها أو حرم منها أو منع إياها فيجب على المؤمن أن ينأى بنفسه عنه ويتجنبه لأن لا جمع بين الاثنين لا يمكن أن يتم الأمران سويا الله تبارك وتعالى خلق الناس منكم مؤمن ومنكم كافر وبين لعباده النجدين وأداء صلاة الفجر جماعة من أعظم الأسباب التوفيق.

الإضاءة الثانية أيها المؤمنون الريحنتان

وهذا العنوان مقتبس مما رواه البخاري في صحيحة من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا.
أيها المؤمنون خلق الله جل وعلا الرسل بشرا فيهم ما في الناس من العواطف والرحمة والألفة وكل ما تقتضيه البشرية من خير وأعطاهم من ذلك النصيب الأوفر والحظ الأمثل ونبينا عليه الصلاة والسلام في الذروة من ذلك كله ولقد كان عليه الصلاة والسلام شفيقا رحيما بالمؤمنين كلهم فإذا تدبر الإنسان كيف كان نبينا عليه الصلاة والسلام رحيما بآل بيته وريحانتيه من الدنيا الحسن والحسين استبان له كثير مما خفي من سيرته العطرة وأيامه النضرة صلوات الله وسلامه عليه تزوج نبيكم عليه الصلاة والسلام خديجة ورزق منها الولد مات الأبناء قبل المبعث أو بعد المبعث بقليل وبقي البنات الأربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، تزوجت زينب ابن خالتها أبو العاص وتزوج عثمان رقية ثم ماتت عنه يوم بدر فتزوج بعدها أختها أم كلثوم، في منصرفه صلى الله عليه وسلم من بدر فدى المسلمون بعض أسراهم فكان من الأسرى أبو العاص أيام كفره زوج ابنته زينب، فأخرجت زينب لتفدي زوجها أخرجت شيئا من المصوغات كان عندها أخذته من أمها خديجة فأخرجته من خبائه لتفدي به زوجها أبا العاص فلما أخرجته ونظر النبي صلى الله وسلم إليه تذكر أيام خديجة فذرفت عيناه صلوات الله وسلامه عليه. حتى بعد ذلك بفترة غير بعيدة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة أحب بناته إليه، وكان يقول كما في البخاري وغيره: (فاطمة بضعة مني) ولذلك لما أراد العلماء أن يعرفوا بفاطمة كما فعل الذهبي في الأعلام قال: هي البضعة النبوية والجهة المصطفوية رضي الله عنها وصلى الله على أبيها، هذه القريبة جدا من رسولنا صلى الله عليه وسلم، جاء علي بن أبي طالب ليطلبها من رسول الله، فلما مكث بين يديه استحيى، أصابته هيبة النبوة، الإجلال، فلم يستطع أن يقول شيئا، فتكلم رسول الله عنه قال: أجئت لتخطب فاطمة قال: نعم، بعد أخذ وعطاء زوجه إياها على درع حطمية كانت عند علي، ثم دخل عليها رضوان الله تعالى عليه وأرضاه، فأنجب منها الحسن فلما أنجب منها الحسن دخل عليه الصلاة والسلام يقول: أين ابني ما سميتموه قال: سميناه حرب قال: بل هو الحسن بعد طهر واحد حملت بغلام ثان فدخل عليه الصلاة والسلام ينشد أين ابني ما سميتموه قالوا: سميناه حرب قال: بل هو الحسين فحملت بعد ذلك فولدت غلاما فقال عليه الصلاة والسلام : أين ابني ما سميتموه قال: سميناه حرب قال: بل هو مُحَسِّن ثم قال عليه الصلاة والسلام سميتهم بولد هارون بَشَّر وبُشَـيِّر ومبشر أبناء هارون عليه الصلاة والسلام، وهذا أول الدلائل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا في سيرته أن يقتفي أثر إخوانه من الأنبياء من قبل امتثالا لقول الله جل وعلا: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ )[الأنعام : 90] فهو عليه الصلاة والسلام أعظم من يمتثل لأمر ربه فحتى في التسمية والكنى وما أشبه ذلك مما يراه الناس يسيرا سمى صلى الله عليه وسلم على الطريقة التي سمى بها من قبل أخوه هارون ، والشاهد من هذا كله أن من الناس اليوم من ينأى بنفسه عن هذه الأسماء خوفا من أن يُشبه ببعض الطوائف والباطل لا يدفع بترك الحق وإنما يدفع بالمضي على الحق والثبات عليه هذا الذي يدفع الباطل لا بالتخلي عن الحق وسنة وهدي نبينا صلوات الله وسلامه عليه قلنا إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له أبناء فمات محسن وهو الصغير بعد أشهر من ولادته وبقي الحسن والحسين يدرجان يغدوان ويروحان في بيت النبوة فتعلق بهما صلوات الله وسلامه عليه فعرف الملائكة في الملإ الأعلى بعلم الله تعلق النبي عليه الصلاة والسلام بالحسن والحسين فلما كان ذات يوم جاءه حذيفة رضي الله عنه فقال عليه الصلاة والسلام: ( يا حذيفة أما شعرت أما رأيت العارض الذي أتاني هذا ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط استأذن ربه في أن يهبط إلى الأرض ويسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة )، فلما علمت الملائكة عليهم السلام بمقدار ما لهذين الصبيين من مكانة عند رسول الله استأذن أحدهم ربه في أن ينزل إلى الأرض ليبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. المرء إذا أصبح أبا يتغير كثير من حاله يقول عليه الصلاة والسلام: (إنهم - أي الأبناء - مجبنة مبخلة مجهلة) تدفع الرجل للجبن يخاف أن يموت عن أبنائه تدفعه للبخل يخاف أن ينفق فيصبح أبناءه من بعده فقراء تدفعه إلى الجهل فيغضب لغضبهم ويرضى لرضاهم. صعد عليه الصلاة والسلام المنبر وأخذ يخطب فدخل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان فيعثران فنزل من المنبر وهو رأس الملة وسيد الأمة ولو أوكل هذا الأمر لغيره لكفاه ثم حملهما ووضعهما بين يديه ثم التفت إلى الناس وقال: (صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة لقد نظرت إلى ابنيّ هذين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى نزلت وحملتهما) وكفى به شاهدا دليلا على ما في قلبه صلوات الله وسلامه عليه من الرحمة إنك كونك مسؤولا في دائرة ما أو رجلا معروفا أو إماما أو خطيبا أو أو ما إلى ذلك من العطايا الدنيوية هذا لا يغير شيئا من أن تكون أبا في بيتك رؤوفا بزوجتك رؤوفا بأولادك رؤوفا بقرابتك تعطيهم تتقرب إليهم تدنو منهم فلكل مقام مقال كما تقول العرب في أمثالها ومن شواهد هذا أنه عليه الصلاة والسلام كما في المسند بسند صحيح أنه قام من الليل يسقي الحسن والحسين فرأته فاطمة وهو يدفع أحدهما ويقدم الآخر فتعجبت فقال لها يا بنية إن الأول قام قبله فاستسقاني فقمت فأسقيته ثم قام الثاني فأسقاه صلوات الله وسلامه عليه والله يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب : 21]. من شفقة الأب على أبنائه أنه يخاف عليهم لكن خوفنا على من نحب يشمل أمرين: شيء من محذور نراه ومحذور لا نراه، فالمحذور الذي نراه نعرف كيف ندفعه ونستعين بالله عليه أما المحذور الذي لا نراه لا نعرف كيف ندفعه لأننا لا نراه فيكفينا فقط أن نستعين بالله جل وعلا عليه فكان صلى الله وسلم عليه يضع يديه على رأس الحسن والحسين ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) هذه الإستعاذة تربي الأبناء أول الأمر على أن هناك رب وإلـه يكلأ ويحفظ ويرعى ويفعل ما يريد لا إلـه إلا هو وأن ثمة شرور لا ترى بالعين ولا يدفعها إلا الرب تبارك وتعالى فالله جل وعلا ولينا في كل نعمة وملاذنا عند كل نقمة كما أن فيها أن المرء يستودع الله جل وعلا ثمرة فؤاده والله تبارك وتعالى كما قال يعقوب في كتاب الله: (فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف : 64] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله إذا استودع شيئا حفظه) ومن دلائل هذا من باب الاستئناس جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه وكان الرجل معه ابنه ليس هناك فرق ما بين الابن وأبيه فتعجب عمر قائلا: والله ما رأيت مثل هذا اليوم عجبا ما أشبه احد أحدا أنت وابنك إلا كما أشبه الغراب الغراب والعرب تضرب في أمثالها أن الغراب كثير الشبه بقرينه فقال له يا أمير المؤمنين: كيف ولو عرفت أن أمه ولدته وهي ميتة فغير عمر من جلسته وبدل من حالته وكان رضي الله عنه وأرضاه يحب غرائب الأخبار قال: أخبرني قال يا أمير المؤمنين: كانت زوجتي أم هذا الغلام حاملا به فعزمت على السفر فمنعتني فلما وصلت إلى الباب ألحت علي ألا أذهب قالت كيف تتركني وأنا حامل فوضعت يدي على بطنها وقلت اللهم إنني أستودعك غلامي هذا ومضيت وتأمل بقدر الله لم يقل وأستودعك أمه وخرجت فمضيت وقضيت في سفري ما شاء الله لي أن أمضي وأقضي ثم عدت فلما عدت وإذا بالباب مقفل وإذا بأبناء عمومتي يحيطون بي ويخبرونني أن زوجتي قد ماتت فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون فأخذوني ليطعموني عشاء أعدوه لي فبينما أنا على العشاء إذا بدخان يخرج من المقابر فقلت: ما هذا الدخان فقالوا: هذا الدخان يخرج من مقبرة زوجتك كل يوم منذ أن دفناها فقال الرجل: والله إنني لمن أعلم خلق الله بها كانت صوامة قوامة عفيفة لا تقر منكرا وتأمر بالمعروف ولا يخزيها الله أبدا فقام وتوجه إلى المقبرة وتبعه أبناء عمومته قال: فلما وصلت إليها يا أمير المؤمنين أخذت أحفر حتى وصلت إليها فإذا هي ميتة جالسة وابنها هذا الذي معي حي عند قدميها وإذا بمناد ينادي يا من استودعت الله وديعة خذ وديعتك قال العلماء: ولو أنه استودع الله جل وعلا الأم لوجدها كما استودعها لكن ليمضي قدر الله لم يجر الله على لسانه أن يُوْدِع الأم، اللهم إنا نستودعك ديننا يا رب العالمين فارزقنا الثبات عليه حتى نلقاك يا ذا الجلال والإكرام. نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على أن يعوذ الحسن والحسين بما كان أنبياء الله من قبل خليل الله إبراهيم يعوذ به إسماعيل وإسحاق كما بينا سنته صلى الله عليه وسلم في اقتفاء أثر إخوانه من الأنبياء من قبل، ثم توفي صلوات الله وسلامه عليه والحسن والحسين لم يبلغا الحلم بعد فكانا رضي الله عنهما حفاوة وموئل حفاوة الصديق من بعده من بعد نبيه فكان رضي الله عنه وأرضاه أي أبو بكر يصلي بالناس فيخرج فإذا لقي الحسن بن علي حمله وأخذ ينشد بأبي شبيه بالنبي ليس شبيها بعلي وعلي يسمع ويضحك رضي الله عن الجميع. ثم كانت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان الحسين يرقى إلى المنبر وعمر عليه فيقول: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك فيقول عمر: ولكن أبي ليس له منبر ثم يضعه بجواره ويضع عمر يده على رأس الحسين ويقول: والله ما أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الله ثم أنتم يا آل محمد ثم لما كانت خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه تطوع الحسن والحسين أن يدافعا عن داره حتى أمرهما رضي الله عنه وأرضاه فيمن أمر أن يتركا الدار حتى لا يراق دم بسببه وكان عثمان رضي تعالى الله عنه من أحوط الناس ومن أشد الناس ورعا وحيطة من دماء المسلمين. ثم كان الأمر في يوم الفتنة ما بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما فكان الحسن والحسين مع أبيهما حتى قتل علي رضي الله عنه وأرضاه فلما قتل سلم بعض المسلمين الخلافة للحسن فلما خاف على المسلمين أن يقتتلوا وتسفك دماؤهم وتتفرق كلمتهم وتضعف شوكتهم تنازل رضي الله تعالى عنه وأرضاه عن أمر الخلافة لمعاوية رضي الله عنه وأرضاه فبقي معاوية أميرا على المؤمنين عشر سنين بعد ذلك وهذا تحقيق لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) وفي بعض الروايات (دعواهما واحدة). ثم سكن الحسن المدينة المنورة سكنها وبقي فيها وورد أنه مات مسموما فيها ومات عن سبع وأربعين عاما ودفن بجوار أمه فاطمة. أما الحسين فإنه مكث إلى عام إحدى وستين وهي السنة التي تولى فيها يزيد بن معاوية أمر المسلمين فلما تولى يزيد كان الحسين يرى أن لا ولاية ليزيد وهذه أمور لا تقال لكل أحد ولا تنشر للعامة ولا تعنينا في حديثنا إنما الذي يعنينا في الحديث مكانة الحسين عند رسولنا صلى الله عليه وسلم فخرج الحسين رضي الله عنه وأرضاه من مكة يريد الكوفة لما بعث له أهل العراق أن ائت إلينا فإنا سننصرك وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقيها فخرج لما علم بخروجه تبعه على مسيرة يومين أو ثلاثة فلما لقيه قال: يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم لن ينصروك فلما ألح الحسين على الخروج قال له ابن عمر وهذا من فقهه قال له: إن جبريل أتى النبي عليه الصلاة والسلام فخيره ما بين أمري الدنيا والآخرة فاختار عليه الصلاة والسلام أمر الآخرة وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن تنال من الدنيا شيئا لكن الحسين لأن يجري قدر الله لم يأخذ بنصيحة ابن عمر ومضى حتى وصل إلى واد الطف في كربلاء من أرض العراق فكان مقتله من يوم الجمعة العاشر من محرم لعام احدى وستين من الهجرة رضي الله عنه وأرضاه قتل بعد أن أحجم الناس عن قتله قليلا قتل إخوته الأربعة ثم قتل اثنان من أبنائه علي الأكبر وعبد الله وبقي علي الأصغر المعروف بزين العابدين كان مريضا لم يستطع أن يخوض المعركة مع أبيه تنحى جانبا ثم أخذ الناس ما بين إقدام وإحجام ثم دلهم أحد الأشرار على أن يقتحموا الأمر فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه وهو صائم في يوم العاشر من المحرم كما بينا

جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد *** متزملا في ثيابه تزميلا
و كأنما بك يا ابن بنت محمد *** قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا و لم يترقبوا *** في قتلك التنزيل والتأويلا
و يكبرون بأن قتلت و إنما *** قتلوا بك التكبيرا والتهليلا

الذي يعنينا من هذا كله تلك فتن سلمنا الله جل وعلا منها ونعوذ بالله من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن الذي يعنينا في هذا المقام أن تعلم أمرا واحدا من هذه الموقعة كلها أن الأمور تجري بقدر الله وأن الله يقول: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ )[البلد : 4] فقد يحرم الإنسان مكانا هو أهل له لكنك لا تدري أين حكمة الله وأين مراد الله ،قال العلماء في مقتل الحسين لعل الله جل وعلا أراد بمقتله بهذا الوصف أن يرفعه إلى درجة جده صلوات الله وسلامه عليه وأيا كان الأمر فإنك ترى في واقع الناس قد ينال المال من لم يجمع وقد يحصد الثمر من لم يزرع لكن المؤمن العاقل ليس له في الدنيا مطمع يقول الله جل وعلا: (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ )[الزخرف:33،34،35]
المؤمن لا ينشد شيئا أعظم من رضوان الله تبارك وتعالى فما أتى من الدنيا تبعا غير مقصود فاللهم لا مانع أما أن يسعى الإنسان في متاع الدنيا وزخرفها يرتكب من أجل ذلك المحرمات والسرقات والرشوة وما أشباهه ويظلم ويحقد ويحسد ليرتفع فإن الدنيا كلها زهرة حائلة ونعمة زائلة ولو كانت تنال بالعواطف لكان ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهذا الأمر من يزيد وغيره لكن الأمور كما بينا تجري وتمضي بقدر من الله تبارك وتعالى.

اللهم إنا نسألك قلوبا تحمدك على نعمائك
وترضى وتصبر على قدرك وقضائك
وتحن وتشتاق إلى يوم لقائك


الإضاءة التالية الحياة البرزخية

والمدخل إليها ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع قتلى بدر في قليب من المشركين ثم بعد ثلاثة أيام وقف عليهم صلوات الله وسلامه عليه يخاطبهمSmile يا أبا جهل يا عتبة بن ربيعة يا أمية بن خلف يا فلان بن فلان يذكرهم بأسمائهم هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا (فقال له عمر متعجبا: يا رسول الله ماذا تسمع من قوم قد جيفوا فقال عليه الصلاة والسلامSad والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يملكون جوابا).
ما حياة البرزخ؟
خلق الله خلقه أطوارا وصرفهم كيفما شاء عزة واقتدارا وحياة البرزخ طور لا بد أن نمر عليه قال الله جل وعلا في كتابه المبين: (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )[المؤمنون : 100] والموت أول حياة البرزخ والبعث والنشور نهاية حياة البرزخ والقبر موطن حياة البرزخ.
جهل ابن آدم الأول كيف يواري سوءة أخيه ثم لما مات آدم عليه السلام قبل أن يموت قال لبنيه لمن حوله كما ثبت في حديث صحيح:" إنني اشتهيت ثمار الجنة فخرج أبناءه يلتمسون له ثمار الجنة فإذا بالملائكة نازلون من السماء معهم حنوط وكفن وغسل من الجنة ولم يعرفوهم فسألوهم أين تذهبون قالوا: إن أبانا اشتهى ثمار الجنة فقالوا لهم: عودوا فقد كفيتم فعادت الملائكة إلى آدم فلما رأتهم حواء عرفتهم فتوارت خلف آدم فقبضت الملائكة روحه عليه الصلاة والسلام ثم غسلته ثم كفنته ثم حفروا له ثم ألحدوا له ثم حثوا عليه التراب ثم قالوا لمن حوله من بنيه هذه سنتكم يا ولد آدم" فأصبح قبر الميت سنة ماضية كما قال الله جل وعلا: (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) [عبس : 21] لكن ثمة أحاديث نؤمن بها يقينا لأن نبينا صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى لكن عقولنا في الحياة الدنيا تعجز عن فهمها وهذا العرض إنما محاولة للإخبار المجمل أن هناك تشابه بلا شك ما بين سعي الإنسان في الدنيا وحياته في قبره والمعنى بتوضيح أكمل أن الإنسان كلما كان قريبا من العمل الصالح كان قريبا من النعيم في القبر وكلما كان قريبا من العمل السيئ كان قريبا من عذاب القبر أعاذنا الله وإياكم من عذاب القبر، يقول صلى الله عليه وسلم كما أخرج الإمام مسلم في الصحيح قال: (مررت ليلة أسري بي وموسى بن عمران قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، مررت ليلة أسري بي وموسى بن عمران قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر)، فأشكل على العلماء كيف أن موسى عليه السلام قائم يصلي في قبره هل في القبر تكليف؟ ثم إنه في نفس الحديث أخبر عليه الصلاة والسلام أنه التقى بموسى في السماء السادسة وفي نفس الحديث يخبر صلى الله عليه وسلم أنه صلى إماما بالنبيين في المسجد الأقصى ومن جملتهم موسى والجواب عن هذا كله أن عالم الأرواح أشبه بعالم الملائكة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، والصلاة في القبر لبعض الخلق نوع من النعيم يتنعمون به لأنهم تعودوا على الصلاة في الدنيا فيتنعمون بالصلاة في قبورهم كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح وأحوال أهل القبور كما قلت غيب مكنون لا يعلمه إلا الله جل علا وإنما نمضي في الحديث فيه وفق ما دل عليه شرع نبينا صلى الله عليه وسلم قد يكرم المرء في قبره دون أن يشعر الناس ، العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه صحابي من المهاجرين الأولين خرج في الغزو في الجهاد ثم إنه لما قفل راجعا من غزوة أصابته علة فمات فدفنه أصحابه حفروا له ودفنوه فلما مضوا عنه قليلا إذا برجل من أهل تلك القرية قال: ما هذا الذي دفنتموه قالوا: هذا أحد أصحابنا يقال له العلاء بن الحضرمي، فقال لهم محذرا : إن هذه الأرض تلفظ الموتى يعني القبر لا يحفظ الموتى يخرجهم إن هذه الأرض تلفظ الموتى ، فتشاوروا رضي الله عنهم وأرضاهم قالوا: ما حق العلاء بن الحضرمي علينا أن نتركه فأجمعوا أمرهم بعد تشاور أن يحفروا عنه وينقلوه إلى قرية أخرى فحفروا القبر فلما وصلوا إلى القبر وهم لتوهم دافنوه لم يجدوا شيئا ووجدوا القبر مد البصر نور يتلألأ. هذا ثابت ومن دلائل ما يكرم الله جل وعلا به وقد يكون الأثر متعد حتى بعد القبر كما ثبت عن ثابت بن قيس رضي الله تعالى عنه وأرضاه خطيب رسولنا صلى الله عليه وسلم فإنه كان يرفع الصوت في كلامه فلما انزل الله تبارك وتعالى قوله: (لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) [الحجرات : 2] حبس نفسه في الدار فلما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالأمر قال لهمSad قولوا له إنك لست منهم) ثم قال له يا ثابت: (إنك ستعيش حميدا وتموت شهيدا) فلما كانت موقعة اليمامة في حروب الردة خرج ثابت بن قيس رضي الله تعالى عنه لحروب أهل الردة وكان يلبس درعا نفيسة ومكث في حفرة يقاتل من خلالها فأصابه سهم فمات فمر به رجل من المسلمين فوجد الدرع فأعجبته فنزعها وأخذها فإذا بثابت يظهر في المنام لرجل آخر من المسلمين ويقول له أنا ثابت بن قيس وإني سأخبرك خبرا ليس بحلم فلا تضيعه إنني استشهدت اليوم وكان لي درع نفيسة أخذها رجل من المسلمين بيته في مكان كذا وكذا وتجد الدرع عليها برمة وعلى البرمة رحل أخفاه تحتها فاذهب إلى خالد أي قائد المسلمين وأخبره الخبر وقل له يأخذ الدرع ويبعث بها إلى الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليقل للصديق بعها واقض ما كان علي من دين، فذهب خالد فوجد الدرع كما وصفها ثابت لذلك الرجل في المنام أقره على الأمر وأقر الصديق تصرف خالد وباع الدرع وتصدق بقيمة بيعها وسدد ما كان عليه من دين وقضاه، الأمر بل يتجاوز أكثر من ذلك إذا صحح العلماء حديثا بسند صحيح كما قال الشيخ الألباني رحمه الله عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: (إن أعمالكم تعرض على إخوانكم من الموتى يسرون أو يساءون ) (إن أعمالكم تعرض على إخوانكم من الموتى يسرون أو يساءون ) فكان أبو الدرداء رضي الله عنه على علاقة وطيدة بعبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه وأرضاه وقد كان مات قبله فكان أبو الدرداء يقول: (اللهم إني أعوذ بك من عمل أُخزى به عند عبد الله بن رواحة) (اللهم إني أعوذ بك من عمل أخزى به عند عبد الله بن رواحة) وفي المسند بسند صحيح كما قال الشيخ ناصر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حديث أنس: (إن أعمالكم تعرض على قرابتكم وعشيرتكم من الأموات فإن كانت حسنة استبشروا وإن كانت سيئة قالوا اللهم اهدهم كما هديتنا). هذا يا أخي بعض ما دلت عليه السنة ومشكاة النبوة من عالم الأرواح.
والغاية من إيراده كله أن تنظر أين أنت من أوامر الله ونواهيه في هذه الحياة الدنيا حتى تعرف كيف يكون قبرك، اعرف اليوم وحاسب نفسك قبل أن تموت أين أنت من هدي محمد صلى الله عليه وسلم؟ أين أنت من توحيد الله؟ أين أنت من الصلوات الخمس؟ أين أنت من القرب من الله تبارك تعالى والبعد عنه؟ أين عينك من النظر إلى المحرمات؟ أين أذنك من سماعها؟ أين قدميك من المشي إليها؟ أين يداك من تناولهما؟ كل ذلك إذا حاسب الإنسان نفسه فقد وطء لنفسه موطنا وثيرا برحمة الله في قبره وإن كان غير ذلك فلا يَهلك على الله جل وعلا إلا هالك وتبعا لهذا الأمر أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيارة القبور وقال عليه الصلاة والسلام يذكر العلة فإنها تذكركم الآخرة فإن القبور تستوي في ظاهرها إن كانت مبنية على منهاج السنة وتختلف في باطنها اختلافا لا يعلمه إلا الله جل وعلا ألا ترى أن الزناة عياذا بالله المُحْصن منهم وغير المُحصن، فالمحصن المتزوج إذا زنى كأنه يقول بلسان حاله أنا أمتع زيادة على زوجتي، وغير المحصن كأنه يقول بلسان حاله أنا أتمتع رغم أنني لم أتزوج بعد والله جل وعلا أجل من أن يخدع يقول عليه الصلاة والسلام في حديث الرؤيا: (فرأيت عراة رجالا ونساء في تنور ضيق من أدناه واسع من أعلاه توقد تحته النار وهم عراة يتضاغون ويتصايحون فقلت للملكين من هؤلاء قالوا: هؤلاء الزناة والزواني) قال الحافظ بن حجر رحمة الله تعالى عليه قال: لمّا كان وجودهم في الدنيا خلوة يستترون بمعصية الله كان حقهم أن يفضحون عراة في عذاب القبر. يتثاقل الرجل عن الصلاة ويتباطأ في القيام إليها وربما تردد وربما تركها بالمرة عياذا بالله رأى النبي صلى الله عليه وسلم من يرضخ رأسه ويلفأ بالحجارة فقال للملكين من هؤلاء قالا: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة رأى النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا في عذاب البرزخ يسبح في نهر من دم ويلقم الحصى والحجارة واحدا بعد الآخر فقال للملكين: من هؤلاء قالوا: هؤلاء أكلة الربا من أمتك ) على هذا والحديث طويل يمكن أن تقيس كثيرا من أحوال الناس في الدنيا إن لم يذركم الله جل وعلا برحمته ويتوب إلى الله تبارك وتعالى أن يعرف الإنسان ولو بظاهر الأمر ماذا سيكون حاله في قبره.
أيها المؤمنون ختاما نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وما مضى قبسات وإضاءات من سيرة من ختم الله به النبوات وأتم به الرسالات صلوات الله وسلامه عليه.

وصلى اللهم على محمد وسلم تسليما كثيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://soma2.ahlamontada.net
 
لازم تدخلوا فاجعة الفجر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسيرسوره الفاتحه ولازم تدخلوا
» صلاة الفجر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
love4ever :: قسم الجنه فى بيوتنا-
انتقل الى: