موضوع: تعظيم شعائر الله الجمعة أكتوبر 02, 2009 7:33 pm
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد السرمد حمداً لا يحصيه العدد ولا يقطعه الأبد حمداً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي له جل وعلا أن يحمد وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله نبي سلم الحجر عليه وحن الجذع إليه ونبع الماء من بين إصبعيه آخر الأنبياء في الدنيا عصراً وأرفعهم وأجلهم يوم القيامة شأناً وذكراً ، ختم الله به الرسالات والنبوات وبعثه بين يدي الساعة هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : أيها الأخوة المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الأخوة : عنوان المحاضرة ( تعظيم شعائر الله ) ونحن في هذه الليلة بعد أن تفيأ المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ثاني أيام عشر ذي الحجة ويتهيئون لاستقبال ثالث أيامه ، في هذه الليلة المباركة نتكلم عن عنوان مستقى من قول الحق تبارك وتعالى (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) [الحج : 32] رزقنا الله وإياكم تقواه في كل زمان ومكان . معشر الأخوة : إن الحديث في هذه الأيام عن الحج وأحكامه ودروسه أمر يكثر بلا ريب سواء كان على ألسنة الأئمة في المنابر أثناء الخطب أو في الدروس أو في المحاضرات أو في كثير من المساجد على ذلك : فإننا سنتكلم عن شعائر الله جل وعلا محاولين أن نمزج بين التاريخين الفقهي والتاريخ ... والمنهج التاريخي محاولة لتقريب ما بُعد وتسهيل ما صعب سائلين الله جل وعلا العون والتوفيق والسداد فبه يستعان وإليه يلجأ وعليه يتوكل . الشعيرة : كل ما أمر الله جل وعلا به وقيل إنها كل ما جعله الله جل وعلا عَلماً من أعلام دينه وقيل غير ذلك ، وقيل : بل هي الدين كله . وتعظيم شعائر الله جل وعلا إنما هو في أصله تعظيم لمن أمر بها وهو الله جل وعلا والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التقوى ها هنا وأشار إلى فؤاده ) ( أشار إلى قلبه ) وكذلك من يعظم شعائر الله جل وعلا فإنما يخبر عن ما في قلبه من تقوى ومحبة للباري سبحانه وتعالى. وإذا قلنا إن شعائر الدين هي الدين كله أصبح الباب مفتوحاً والمجال واسعاً للحديث لكننا في أيام عشر ذي الحجة فلذلك سنقصر الحديث والدرس على ما نص الله جل وعلا في كتابه على أنه شعيرة أو ما احتمل في القرآن أن يكون شعيرة . روى عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما – أنه قال : " أعظم وأكبر الشعائر بيت الله الحرام " وقال الله جل وعلا في كتابه :" إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ .." [البقرة : 158] وقال جل ذكره : " وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ... " [الحج : 36] وقال سبحانه : " فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ... " [البقرة : 198] فهذه ما نص الله جل وعلا في طيات كتابه العظيم على أنها من شعائر دينه وعليها وإليها وعنها سيكون الحديث بإذن الله جل وعلا . أما الحديث عن البيت الحرام فإن المؤمنين يعلمون أن الله جل وعلا جعل لهذه الأمة البيت الحرام قبلة أحياءً وأمواتاً وكما قلت إننا سنمزج بين المنهجين : 1- التاريخي و 2- الفقهي في بيان ذلك. اختلف أهل العلم رحمهم الله فيمن بنى البيت العتيق فقالت طائفة بنته الملائكة وقالت طائفة بناه آدم وقالت طائفة بناه نوح وظاهر القرآن على أن الذي بناه إبراهيم عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام ، والبيت الحرام في مكة ، ومكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم فإن قلنا إن البيت كان أول من بناه إبراهيم بمعنى أنه لم يكن مبنياً قبله جاء الإشكال كيف كان الناس يحجون قبل إبراهيم فعلى هذا ، الأفضل والأظهر أن يقال : أن البيت كان معروفاً قبل إبراهيم ولكن لا يعلم بالتحديد من بناه ولكن الله جل وعلا بعد أن طمست معالم الطوفان معالم البيت أمر الله جل وعلا خليله إبراهيم أن يبني له البيت . تزوج إبراهيم أول الأمر سارة ثم تزوج جارية اسمها هاجر وهبته سارة إياها . فلما تزوج هاجر حملت فأصبح دب بينهما ما يدب بين النساء عادة فهاجرت هاجر من أرض مصر إلى مكة المكرمة بأمر من الله جل وعلا فأنزل إبراهيم زوجته و ابنه وجعل لهما جرابا فيه تمر و سقاءً فيه ماء ثم انصرف إلي ديار العراق . حصل ما حصل لهاجر قصة حفر ماء زمزم كما سيأتي في موضعه ثم إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام عاد ليتفقد ما ترك فوجد هاجر قد ماتت وسأل عن إسماعيل فدل على بيته فلما سأل قالت له زوج إسماعيل خرج يقتات لنا فسألها عن حالهم فأخبرته أنهم بشر حال وشكت إليه الضيق والشدة فقال إذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام وقولي له غيِّر عتبة بابك ولم يخبرها أنه أباه . عاد إسماعيل كأنه آنس شيئاً سأل زوجته قالت جاءنا شيخ كبير ذكرت أوصافه ذكرت ما حصل بينهما من مقاله ، قال : ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك ففارقها ثم لبث إسماعيل ما شاء الله له أن يلبث فتزوج امرأة أخرى من جرهم فجاء إبراهيم مرة أخرى لنفس المكان يتفقد ما ترك فلم يجد إسماعيل وكل ذلك بقدر الله فوجد زوجته فسألها عن حالها فشكرت الله جل وعلا وأخبرته بأنهم في أحسن حال ، فقال : ما طعامكم قالت اللحم قال : ما شرابكم ، قالت : الماء ، فدعا لهما بالبركة أن يبارك الله في اللحم وأن يبارك الله في الماء ثم انصرف ، رجع إسماعيل كأنه آنس شيئاً سأل المرأة أخبرته قال ذلك أبي وقد أمرني أن أُبقي عليك ، عاد إبراهيم كرة ثالثة ، في الكرة الثالثة وجد ابنه إسماعيل يبري نبلاً عند دوحة بجوار مكان البيت حالياً فلما رأى إسماعيل أباه قام إليه فصنع به ما يصنع الوالد بولده والولد بوالده إذا التقيا بعد غياب ثم قال إبراهيم لإسماعيل إن الله أمرني بأمر قال : يا أبت أطع أمر ربك قال : أو تعينني قال : نعم قال : إن الله أمرني أن ابني له بيتا وأشار إلى مكانه في الأرض فأخذ إسماعيل يجمع الحجارة وإبراهيم يبني الأرض قال بعض العلماء من المؤرخين وغيرهم : إن سحابة أظلت مكان البيت لتحدد لإبراهيم معالمه وقيل إن ريحاً جاءت فحملت ما في الأرض من قذى وأذى على حدود البيت حتى يعرف إبراهيم حدوده و أياً كان، بنا إبراهيم البيت إسماعيل يناوله الحجارة وإبراهيم يبني وهما يدعوان كما قال الله عز وجل"رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [البقرة : 127] لما فرغ من بناء البيت لما علا البيت قبل أن يفرغ من بنائه اضطر إبراهيم أن يرتقي على حجر حتى يصبح قادراً على بناء الجزء الأعلى من البيت فقرب إسماعيل إليه حجراً فبقيت معالم قدمي إبراهيم معالم موطئ قدميه على الصخر نفسه فعرف بعد ذلك بمقام إبراهيم و قد نص الله جل و علا عليه في كتابه " َاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى " [البقرة : 125] لما أتما البيت صلوات الله و سلامه عليهما قلنا طافا حوله معظمين لله جل و علا آخذين بأمره سبحانه : (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) [البقرة : 125] فبقي إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد ذلك في مكة ما شاء الله له أن يبقى حتى انتقل مرة أخرى إلى أرض الشام و توفي بها و توفي إسماعيل عليه الصلاة و السلام في مكة هذا مجمل اللبنة الأوله في بناء البيت العتيق . نشأ الناس بعد ذلك و إسماعيل بينهم على ملة إبراهيم فكانوا يحجون و يعتمرون و يطوفون بالبيت كما أمر الله جل وعلا و كما تركهم عليه خليل الله إبراهيم عليه الصلاة و السلام حتى ظهرت الأوثان و بدأت الأصنام و تغيرت الناس عن الملة الحنفية مع ذلك بقيت أشياء من معالم دين إبراهيم يقوم الناس عليها كتعظيم البيت و كالطواف حوله و دخل فيه ما دخل مما لم يأذن الله جل وعلا به شرعا تتابع الناس على ذلك سنين عديدة و حج البيت بعد إبراهيم عليه الصلاة و السلام أنبياء الله جل وعلا و رسله كما أخبر صلى الله عليه وسلم ( أنه رأى موسى ورأى يونس ورأى عيسى عليهم الصلاة والسلام وهم ملبين يقدمون إلى بيت الله جل وعلا العتيق كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه فأصبح البيت كما قال الله (مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ) [البقرة : 125] والحديث عن البيت العتيق حديث ذو شجون متشعب نحاول أن نلم شعثه قدر الإمكان تاريخياً : بقي البيت محط أنظار العرب و المسلمين ممن بقوا على ملة إبراهيم وحتى بعد أن تغير الناس بقي البيت محفوفاً بالمهابة محفوفاً بعناية الحكام والأمراء و مشايخ القبائل و أشباههم من أعيان الناس حتى قيل إن جرهم وهي القبيلة العربية التي كانت تسكن مكة بنت البيت وجددت بناءه ثم جددته قريش لما داهمه السيل فجمعوا أطيب أموالهم الطيب من أموالهم وتخلصوا من الأموال الربوية وهم قرشيون كفار آنذاك ثم بدا لهم أن يهدموا البيت ليعيدوا بناءه فهابوا هدمه فكان أول من تقدم لهدمه الوليد بن المغيرة فهدم حجراً حجراً منه فلما اطمأن الناس أن الوليد لم يصب بأذى أقبلت باقي قريش تساعد الوليد في قضية هدم البيت ثم أعادوا بناءه إلا أن النفقة أي المال المخصص لبناء البيت قَصُر بهم فلما قصُر بهم جعلوا الركنين اليمانيين الركن اليماني و الحجر الأسود جعلوهما على قواعد إبراهيم أما ما كان من جهة الشام فقصرت بهم النفقة فأخرجوا جزءاً من البيت لم يكملوه و هو ما يعرف اليوم بحجر إسماعيل و سيأتي تفصيله قصرت بهم النفقة على هذا الحال فبنوا البيت كما قلنا بعضه على قواعد إبراهيم وبعضه على غير قواعد إبراهيم . بعد ذلك لما بدا لقريش هذا كان الوليد بن المغيرة و هو أبو خالد أول من سن أن يدخل البيت و قد خلع نعليه و خفيه تعظيماً للبيت و هو يومئذ كافر حتى يعلم كل أحد أن الهداية من الله و ليست بالعقل و إلا هذا الرجل كان موفور العقل جداً ، فتبعته قريش ثم تبعت قريش العرب في أنها إذا جاءت البيت تريد أن تدخله لا تدخله إلا وقد خلع الرجل منهم نعليه كان القرشيون قوما قد دخلتهم الحضارة فكانوا في تصريفهم لأمورهم و تسييرهم لشؤونهم قسموا الأمور بينهم فجعلوا السقاية في بني عبد المطلب و كانت الحجابة أي سدانة البيت في بني عبد الدار فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم ودعا الناس إلي دين الله جل و علا انقسمت قريش كما هو معلوم إلى فريقين ، فريق قلة متبعون للهدى وفريق كثرة متبعون للباطل الشاهد منه كانت الحجابه كما قلنا في يد بني عبد الدار في يد رجل يسمى عثمان بن طلحه عثمان هذا كان بيده مفتاح البيت بأمر قرشي كان يفتح البيت كل اثنين و خميس ليدخله من شاء من الناس فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته و قبل هجرته ليدخل البيت مع الناس فكأن عثمان هذا أغلظ على النبي عليه الصلاة والسلام فصبر عليه الصلاة و السلام و حلم عنه ثم قال أي النبي كما روى أن سعد في الطبقات قال : يا عثمان ليأتين يوم هذا المفتاح بيدي أضعه حيث أشاء . فقال عثمان إذاً ذلت قريش يومئذ و هانت فقال : صلى الله عليه وسلم بل عزت يومئذ و عمرت و افترقا على هذه الكلمة سيأتي بعد ذلك .. هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أسس دولة الإسلام حتى كان عام الحديبية فمنع عليه الصلاة والسلام من دخول مكة و نجم عن عدم دخوله مكة ما عرف تاريخياً بصلح الحديبية فمكث الناس على أن يطرحوا الناس الحرب عشر سنين خلال هذه الفترة أعانت قريش بكراً على خزاعة وكانت بكر دخلت في جوار قريش وخزاعة دخلت في جوار النبي صلى الله عليه وسلم فجاء الخزاعيون بعثوا وفداً إلى النبي عليه الصلاة والسلام يستنصرونه فجهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً لفتح مكة بعد أن نقضت قريش عهدها ، دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها ما يسمى الآن بالحجون و ركزت الراية هناك ثم أخبر عليه الصلاة و السلام بعظمة البيت ومكة عند الله فقال : ( إن الله جل و علا حرم مكة يوم خلق السموات و الأرض و إنها لن تحل إلا لي -أي له صلى الله عليه و سلم -ساعة من نهار) حتى لا يحتج أحد بسفك الدماء في البيت الحرام أنها أحلت لنبينا عليه الصلاة و السلام ساعةًً من نهار و هذا دلاله على رفيع قدره عليه الصلاة و السلام عند ربه ، لما أقبل عليه الصلاة والسلام على البيت بعد أن رأى عليه أصناماً أشار بمحجن كان في يده فتساقطت الأصنام و هو يتلوا (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا)ً [الإسراء : 81] ثم إنه عليه الصلاة و السلام سأل عن عثمان و أمر بأن يؤتى إليه بمفتاح البيت فلما أوتي إليه بالمفتاح أمر أن تفتح الكعبة ففتحت فدخلها صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح و غيره و دخل معه بلالاً و أسامه ثم كبر في نواحي البيت و صلى فيه ركعتين و لم يدخل إلا بعد أن أخرج ما في البيت و ما عليه من صور قال عليه الصلاة و السلام و قد رأى صورة لأبيه إبراهيم و إسماعيل سيستقسمان بالأزلام قال : ( قاتلهم الله إن استقسما بهما قط " أي لم يستقسما بهما قط ، ثم إنه صلى الله عليه و سلم خرج من البيت فلما خرج من البيت ابتدره علي رضي الله تعالى عنه و أرضاه و قال يا رسول الله : اجمع لنا الحجابة مع السقاية، السقاية في بني عبد المطلب الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فأراد علي كرم الله وجهه أن يكون مع النبي عليه الصلاة والسلام مع بني عبد المطلب إضافة إلى السقاية الحجابة لأنها من مفاخر المسلمين آنذاك فقال عليه الصلاة و السلام أين عثمان بن طلحة فجيء به إليه فقال عليه الصلاة والسلام خذ مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء ثم قال خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم فهي إلى اليوم في بني شيبه و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وبالأمس نقل التلفاز وغيره في الصحف أن نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام سلم سدنة البيت كسوة الكعبة لهذا العام و كما قلنا هذا هو فضل الله يؤتيه من يشاء الشاهد منه :- هذا إلى الآن المرحلة التاريخية في بناء البيت . عليه الصلاة والسلام لم يغير في البيت شيئا وإن كان أخبر أنه يريد أن يغير فقد قال لعائشة زوجته :" لولا أن قومك حديث عهد بكفر لنقضت البيت -أي هدمته وأعدت بناءه- و جعلت له بابين و بنيته على قواعد إبراهيم فإن قومك قصرت بهم النفقة" استمر الوضع على هذا الحال حتى كانت خلافة الصديق أبي بكر ثم خلافة الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه الشيء الوحيد الذي فعله عمر أنه أخر المقام كان المقام ملتصقاً في البيت واختلف هل كان المقام ملتصقاً في البيت منذ أيام إبراهيم أم أن القرشيين ألصقوا المقام في البيت على قولين ، الشاهد منه : أن عمر رضي الله تعالى عنه أخر المقام حتى يتسنى للناس الطواف بالبيت ثم جاءت خلافة عثمان ثم علي ثم انتهت الخلافة الراشدة ثم كانت خلافة الأمويين في عام 73 من الهجرة كانت الفتنة مابين عبد الملك بن مروان و عبد الله ابن الزبير ابن العوام ، عبد الله ابن الزبير كان أميراً على الحجاز و عبد الملك بن مروان كان خليفة في الشام في دمشق فبعث عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي ليعينه على أن يسلم عبد الله بن الزبير زمام الحكم لعبد الملك حاصر الحجاج مكة ضربها بالمنجنيق مع الضرب طبعاً لا يعقل أن أهل الشام قصدوا هدم البيت أو حرقه لكن الحرب تأخذ معها كل أخضر و يابس كما هو معروف الشاهد منه أن البيت تأثر بالقصف و قيل أنه حرق بعضه فقام عبد الله بن الزبير فنقض البيت و أعاد بناءه كانت أمه و من أمه ؟! أسماء بنت أبي بكر أخت من ؟ أخت عائشة كانت أمه أسماء أخبرته أن عائشة أخبرتها أو عائشة أخبرته مباشرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لولا أن قومك حديث عهد بكفر لنقضت البيت وجعلت له بابين " فأقامه عبد الله كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم فجعل له بابين و بناه على قواعد إبراهيم و أدخل الحجر فيه فلما استطاع الحجاج بن يوسف أن يقتل عبد الله بن الزبير كما هو معروف تاريخياً و أن يستتب الأمر له في مكة نقض ما بناه عبد الله ابن الزبير و أعاد البيت كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . لم فعل الحجاج هذا ؟! لا علاقة لنا به لكن يظهر أنه فعله لأمر سياسي أو قيل إنه لم يبلغه حديث عائشة أياً كان رأي الحجاج البيت هدم أخرج الحجر جعل له باب واحد بني الركنان على قواعد إبراهيم بقي الأمر على كذلك حتى كانت خلافة المهدي أحد خلفاء بني العباس فأراد أن يعيد البيت كما بلغه و كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم . فاستشار علماء عصره فأشار عليه مالك رحمه الله ألا يفعل ،و قال : أخشى أن يكون بيت الله بعدك ألعوبة للملوك هذا يزيد فيه وهذا ينقص منه وهذا يغير فيه فأبقى المهدي البيت على ما هو عليه استمر البيت محفوفاً برعاية حكام المسلمين و أمرائهم و علمائهم إلى عصرنا هذا ولله الحمد و المنة في عام 1401هـ غُيرَ بابه في عهد الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله تعالى و جعل له باباً من الذهب الخالص و هو الباب الموجود حالياً لكنه بقي كما هو الأمر عليه باب واحد هذا قصة بناء البيت تاريخياً كما بينا لأننا سنمزج ما بين التاريخ و الفقه ماذا يتعلق بالبيت من أحكام :- قبل أن نتعرض للأحكام نقول إن الحجر الأسود قيل إنه نزل من الجنة و قد جاء في سنن الترمذي من حديث ابن عباس :" نزل الحجر الأسود أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم " و بعض العلماء ينقلون عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال : " إن الله جل وعلا لما خلق آدم و أخرج من ظهره ذريته كما قال الله جل وعلا (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) [الأعراف : 172، 173] نقول : علي رضي الله تعالى عنه يقول : إن الله جل و علا يوم أخذ العهد و الميثاق من بني آدم كتبه جل و علا في رقّ ثم ألقمه الحجر و كان للحجر عينان و أخبر أن هذا ميثاق أخذه الله على بني آدم وأن الحجر يشهد بعد ذلك لمن استلمه بصدق و لذلك تواتر عن سلف الأمة مرفوع عن النبي عليه الصلاة و السلام أن الإنسان إذا استلم الحجر و بدأ بالطواف يقول اللهم إيماناً بك و تصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك ) إيماناً بك لأن الله أمر المؤمنين أن يؤمنوا به و تصديقاً بكتابك لأن الله قال في كتابه : " وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ " [آل عمران : 97] ووفاء بعهدك هذا الذي قلناه ما ذكره العلماء أن الله جل وعلا ألقم الحجر ذلك الميثاق الذي أخذه على بني آدم و قد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم قال:" إن الحجر يشهد يوم القيامة لمن استلمه بصدق " نعود إلى الأحكام الفقهية :- الطواف بالبيت من أعظم القربات و أجل الطاعات كما نص على ذلك العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله و الطواف يقع سنة و يقع ركنا و يقع واجباً و يقع نافلة مطلقة . يقع سنه مرغباً فيها كما في طواف القدوم للحاج ويقع ركنا و هو طواف الإفاضة و هو المقصود بقول الله جل وعلا (لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : 29] و يقع واجباً عند جماهير العلماء كما في طواف الوداع و يقع نافلة أن الإنسان له أن يطوف بالبيت في أي ساعة شاء من ليل أو نهار يبدأ الطائف طوافه جاعلاً البيت عن يساره مبتدأ بالحجر يكبر ثم يقول ( اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك ) ثم يطوف حتى ينهي سبعة أشواط . إن حلت الصلاة و الإنسان يطوف بالبيت فالعلماء فيها أقوال الأظهر و المختار : و الذي عليه الفتوى أن الإنسان يتوقف عن الطواف ثم يدخل مع المسلمين في الصلاة ثم بعد ذلك يبني على ما بقي من طوافه من حيث وقف يُنهي ما تبقى له من طوافه. س / هل للطواف طهارة ؟ ! اتفق العلماء على وجوب الطهارة من الحدث الأكبر و اختلفوا في الحدث الأصغر فجماهير العلماء و أكثر المحققين على أنه يلزم الطهارتين من الحدثين الأكبر والأصغر و ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يلزم الطهارة من الحدث الأصغر . و الله تعالى أعلم . و هذا التفصيل لا أظن أن أحداً يقدر على أن يتطهر و يتوضأ ثم يمتنع عن الطواف بالبيت ثم يتمنع عن ذلك قبل الطواف بالبيت لكن الأفضل أن يقال إن الإنسان لو قدر أنه في طواف الإفاضة مثلاً أو في طواف الوداع و فيه من الزحام الشديد ما الله به عليم و يعرف ذلك كل من طاف بالبيت ثم لو انتقض و ضوءه في أحد الأشواط فإننا نرى و الله تعالى أعلم أنه لا يلزمه أن يخرج ثم يتوضأ و يعيد الطواف فإن فعل فهو حسن و خروج من خلاف العلماء لكن لو لم يفعل من الصعب أن ينقض طوافه هذا ما يتعلق بالطواف بالبيت ، البيت كما قلنا له باب واحد و كان له بابان في أيام القرشين له ميزاب صنع هذا الميزاب في مصر أول ما صنع في عهد السلطان قلاوون قواعد إبراهيم هي الركنين اليماني والحجر الأسود و هما اللذان يستلمان من البيت فإن الركن اليماني يستلم و لا يشار إليه يعني إما أن يستلم وإما أن يترك و الحجر الأسود إما أن يستلم و إما أن يشار إليه أما الركنان الباقيان فلا يستلمان و لا يشار إليهما هذا الذي عليه جماهير العلماء . الحِجر الذي يسمى عند الناس اليوم بحجر إسماعيل داخل في البيت بمعنى أنه لا يجوز الطواف من دونه و إنما يطوف الإنسان من وراء الحجر و هذا أمر ينبغي التنبيه عليه خاصة من يحج لأول مرة يريد أن يفر من الزحام فربما دخل من الحجر ضانا منه أنه يطوف من وراء البيت ولا يحسن ذلك .المسجد الحرام ما حول البيت و قيل يطلق على مكة كلها و العلماء سلفاً و خلفاً مختلفون في الصلاة التي أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أنه أخبر أن الصلاة في المسجد الحرام بمائه ألف صلاة فهل المقصود بها المسجد الذي حول الكعبة أو عموم الحرم في مكة ، فذهب بعضهم إلى أن المقصود به المسجد المعروف الذي حول الكعبة المبني المحدد و ذهب كثير منهم إلى أنه كل حرم من مكة يعد داخل في عموم قوله صلى الله عليه و سلم بمائه ألف صلاة ، و ذهب إلى هذا كثير من علماء العصر منهم العلامة ابن باز رحمة الله تعالى عليه هذا ما يتعلق بالشعيرة العظمى و هي الطواف بالبيت العتيق . بعد ذلك ننتقل إلى شعيرة أخري من شعائر الدين أخبر الله جل و علا بها ثم في الأخير نجمل كيفية أن نعظم الإنسان شعائر الله؟ الشعيرة الأخرى السعي بين الصفا و المروة . الصفا و المروة نستطيع أن نقول أنهما جبلان صغيران غير بعيدين عن البيت و لا يمكن أن يقال أنهما جبلان كبيران لأن مكة لها ثنيتان و لها جبلان جبل أبي قبيس و جبل قَعيقُعان و لهما ثنيتان الثنية العليا ما يسمي بالحجون اليوم، الثنية السفلى و هي ما يسمى بكدي النبي صلى الله عليه و سلم السنة يدخل من أعلاها يخرج من أسفلها أي يدخل بالحجون و يخرج من جهة كدي هذا لمن أراد أن يطبق السنة حرفيا و قد يتعذر هذا في زماننا نعود إلى السعي بين الصفا و المروة ، هاجر عليها السلام عندما تركها إبراهيم عليه الصلاة و السلام و نفد ماؤها و سقاؤها و طعامها خرجت تلتمس لرضيعها ماء ، فوقفت على الصفا ثم توجهت إلى المروة و هي في الطريق عندما وصلت إلى ما بين العلمين اليوم الأخضرين سعيت سعي المجهود يعني أسرعت كما في صحيح البخاري في حديث ابن عباس من طريق سعيد بن جبير حتى وصلت إلى المروة ثم عادت مرة أخرى إلى الصفا و هكذا حتى وصلت إلى المروة في المرة السابعة فلما وصلت إلى المروة استمرت السابعة سمعت صوتا ، الإنسان إذا كان وحده و سمع صوت أول عمل يعمله نفسياً يسكت حتى يريد أن يعرف الصوت منه هو و لا من شخص غيره فعليها السلام قالت : صه و سكتت فسمعت الصوت فعلمت أن الصوت غير خارجاً منها قالت : قد أسمعت لو كان عندك غواث يعني يا صاحب الصوت سمعت صوتك إن كنت تريد أن تغيثني فرفعت بصرها فإذا بالملك يحفر بجناحيه بئر زمزم فهرولت إليه و القصة معروفه موضع الشاهد :- أن الإسراع الآن بين العلمين الأخضرين المحددين في المسعى فيه إتباع لسنة تركتها هاجر قلنا سعيت سعي المجهود و قال بعض العلماء :- إن النبي عليه الصلاة و السلام لما سعى بين الصفا و المروة كانت الأرض تلك أرضاً رمليه و الأرض الرملية لا تقطع إلا بشدة و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم كما في السنن أنه قال :" لا يقطع الأبطح إلا شداً فشد" و يمكن الجمع بينهما أن الأصل إتباع هاجر ووافق إتباع هاجر فعل النبي صلى الله عليه و سلم و يمكن أن يقال أن تلك الحصباء من الرمل كانت منذ عهد هاجر و هي التي جعلت هاجر تسعى سعي المجهود إلى عهد النبي صلى الله عليه و سلم المهم : أننا نحن نفعلها سنة واقتفاءً لأثر سنة نبينا صلوات الله عليه و سلامه عليه . س / كيف تعظم هذه الشعيرة ؟ تعظم بأن الإنسان يخرج إلى الصفا من بابه، للصفا باب إذا خرج من الطواف بعد الركعتين يعود إلى الحجر سنة بالاتفاق لكن صعبة الحصول في زماننا هذا ثم يتوجه إلى الصفا فإذا أقبل على الصفا قال صلى الله عليه و سلم كما روى جابر _ تلا قول الله جل و علا إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ) [البقرة : 158] ثم قال أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا و استقبل القبلة أي البيت و كبر ثلاثاً ثم قال : لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده و نصر عبده و أعز جنده و هزم الأحزاب وحده "وروى غير ذلك ثم دعا رافعاً يديه ، فعل ذلك ثلاثاً يقطعها بالدعاء صلوات الله و سلامه عليه ثم أتى المروة ففعل على المروة ما فعل على الصفا فإذا فعل الإنسان ذلك في حج أو عمرة متأسياً برسول الهدى و نبي الرحمة صلى الله عليه و سلم مخلصاً لله جل و علا معتقداً أن الدعاء على الصفا و الدعاء على المروة مظنة إجابة وسأل الله جل و علا بقلب خالص منيب فلا ريب أنها مظنة إجابة و ساعة قربة وشعيرة عظيمة نص الله جل و علا عليها في كتابه : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) [البقرة : 158] و هذا هدي خير من حج و اعتمر رسولنا صلى الله عليه و سلم كما نقله أصحابه عنه و بالأخص جابر رحمه الله في صحيح مسلم هذه شعيرة ما بين الصفا و المروة ننتقل إلى شعيرة أخرى و هي شعيرة مزدلفة و قد نص الله جل وعلا عليها في كتابه قال الله جل و علا (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ) [البقرة : 198] يوم عرفه أعظم الأيام عند الله جل و علا أو تحديداً من أعظم الأيام عند الله جل وعلا ، و الله تبارك وتعالى يخصص في الأيام فيوم عرفه أعظم في إجابة الدعاء و يوم النحر أعظم في كثرة الأعمال و ليلة القدر أفضل في كثرة العبادة و الله يفعل ما يشاء و يخلق ما يريد يوم عرفة : السنة أن يقف الإنسان حتى تغيب الشمس و لا يحسن أبداً أن يخرج الإنسان من عرفه قبل أن تغرب الشمس بل ذهب مالك رحمه الله إلى أنه من فعل ذلك لا حج له ، و الجمهور على أنه يجبر بدم ، بعد ذلك يتوجه الحاج إلى مزدلفة إذا توجه إلى مزدلفة النبي عليه الصلاة و السلام بعد أن غاب قرص الشمس تماماً أردف أسامة خلفه ثم توجه إلى مزدلفة في الطريق بال و توضأ وضوءاً خفيفاً و ركب طبعاً هذه الحجة الأولى له مع أصحابه ، الصحابه لا يعرفون ماذا سيفعل فاستعجل أسامة فذكره بصلاة المغرب فقال صلى الله عليه وسلم الصلاة أمامك ) أي في مزدلفة و صل النبي صلى الله عليه و سلم إلى مزدلفة فصلى بها المغرب و العشاء جمع تأخير لأنه وصلها و قد دخل وقت العشاء ثم اضطجع و اختلفوا في صلاته صلى الله عليه وسلم يعني هل أحيا ليلة مزدلفة بوتر أو لا ، لم ينقل نقلاً صحيحاً أنه أوتر لكن هل عدم النقل دليل على أنه لم يصلِ ؟ مسألة فيما خلاف . ظاهر حديث جابر أنه لم يصلِ ، و ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يمنع أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى دون أن يعلم جابر أياً كان الأمر بقي عليه الصلاة و السلام حتى قبيل الصبح ثم صلى الفجر بمزدلفة بغلس ، بغلس بمعنى في أول الفجر يعني ما بعد ظهر الفجر تماماً في أول الفجر بعد دخول وقتها ثم أتى المشعر الحرام و هذا موضع الشاهد في المحاضرة المشعر الحرام جبل مبني عليه المسجد حالياً و يسمي قُزح قديماً فأتى النبي صلى الله عليه وسلم المشعر الحرام فأكثر من تكبير الله و تحميده و تهليله و ذكر الله جل و علا كثيراً كما أمر الله جل و علا في كتابه ووقف صلى الله عليه و سلم رافعاً يديه يدعوا حتى أسفر جداً ، أسفر بمعنى كاد ضوء الشمس أن يظهر و لم يظهر فلما أسفر جداً توجه صلى الله عليه و سلم إلى منى تعظيم هذه الشعيرة أن الناس يتعجلون في الخروج من مزدلفة و لابد أن نفرق ما بين الإجزاء و ما بين إتباع كمال السنة . الإجزاء :- من مكث في مزدلفة إلى منتصف الليل الثاني دخل عليه نصف الليل الثاني و هو في مزدلفة ثم انصرف منها فلا دم عليه . لكن من بقي إلى الفجر وصلى الفجر ثم وقف في أي مكان من مزدلفة لأن المشعر الحرام و إن أريد به مقاماً واحداً إلا أنه يقصد به مزدلفة كلها و يصعب على الحجاج أجمعين أن يقفوا كلهم حيث وقف النبي صلى الله عليه و سلم و قد قال :" و جمع كلها موقف " أي مزدلفة كلها موقف لكن الإنسان يقف يذكر الله يهلله يحمده يكبره رافعاً يديه يدعوا حتى يشعر أنه أسفر جداً ثم يمضي إلى منى إن طبق هذه السنة فقد عظم شعائر الله جل و علا من باب النصح الأخوي : يعني الإنسان يفرق صاحب العائلة غير من يحج لوحده ومن يحج لوحده مع شباب أقوياء ليس كمن يحج مع شباب ضعفاء الإنسان أدرى بحاله لكن لو أن إنساناً تخير حجة من حجاته يحج فيها لوحده أو مع رفقه أقوياء حتى يصيب أكثر السنة يعني يخصص عاماً من الأعوام يحج فيه حجةً يحاول أن يقتدي فيها بأكثر السنة هذا فيه خير كثير له فإن حج مع الضعفاء من النساء أو من الرجال حاول أن يأتي بما استطاع من السنة و لا يكلف الله جل وعلا نفساً إلا وسعها . هذا ما يمكن أن يقال عند المشعر الحرام ، ثم ننتقل إلى شعيرة أخرى و هي الهدي و الأضاحي قال الله جل و علا وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الحج : 36] الله تبارك و تعالى غني عن كل أحد يطيعه من يطيعه فلا يزيده ذلك منفعة ويعصيه من يعصيه فلا ينقص ذلك من ملكه شيئا و يسأله من يسأله فلا ينقص ذلك من ملكه فهو العلي الكبير ، لكنه سبحانه حتى تبقى القلوب متوجهة إليه ابتلى عباده و ابتلاؤه على طريقين طريق أوامر و نواهي و تكاليف و طريق قدري وممن اصطفاهم الله جل وعلا و قربهم و أدناهم و أعلى منزلتهم و فضلهم خليل الله إبراهيم عليه الصلاة و السلام فهذا النبي من اصطفاء الله جل و علا له أن الله جل و علا حصر النبوة بعده في ذريته فلم يبعث أحد بعد إبراهيم إلا و هو من ذرية إبراهيم قال سبحانه (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ) [العنكبوت : 27] و التقديم يفيد الحصر حتى عيسي ابن مريم عليه الصلاة و السلام رغم أنه لا أب له إلا أن أمه مريم من ذرية إبراهيم الشاهد من هذا كله / إن إبراهيم عليه الصلاة و السلام لما رزق إسماعيل نشأ إبراهيم محباً لمن ؟! محباً لإسماعيل الطفل ينتظره أبوه حتى يكبر لأن الابن إذا كبر تذهب مشقته و تأتي منفعته و لذلك العامة إذا عندك ابن يقول لك : ابنك إن شاء الله يكبر و يعوضك . يعوضك تعبك عليه مخلوف لو كبر هذا الابن و أصبح باراً و صالحاً فيك ، إبراهيم عليه الصلاة و السلام لم يبتلى بشيء في إسماعيل و هو ماذا ؟ و هو صغير لما كبر إسماعيل و اشتد عوده وأصبح قادراً على أن يذهب و يغدوا مع أبيه و قادر بإذن الله على أن ينفعه قال الله جل و علا (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) [الصافات : 102] أصبح يذهب و يأتي مع أبيه أصبح رجل قريباً من أبيه ابتلاه الله جل و علا بذبح ابنه حتى نتكلم بعدها عن الهدي و الأضاحي قبل أن أتكلم عنها يتصور عقلياً ، نتصور تصور عقلي تصور شرعي و نبدأ بالتصور الشرعي ، التكليف من الله جل و علا لرسله يكون بواحد من ثلاث :- قال الله جل و علا : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) [الشورى : 51] فأي نبي يبعث يكلف بشيء إما أن يكلمه الله بحجاب بحيث إن النبي لا يرى ربه لكنه يكلمه كما كلم الله آدم ، كلم الله موسى ، كلم الله محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين أو يأتي الوحي الرسول و هو جبرائيل في الغالب أو ينفث في قلب ذلك النبي ما أراده الله جل و علا له هناك مرتبة في الوحي بعد الثلاث هذه هي مرتبة الرؤيا أن النبي يرى رؤيا و رؤيا الأنبياء حق لكن مرحلة الرؤيا هذه أضعف مراحل التكليف هذا التصور الشرعي نضعه جانباً قبل أن ننتقل للتصور العقلي ، التصور العقلي إن إبراهيم عليه الصلاة و السلام أو أي والد معرض لأن يفقد ابنه و صور الفقد ثلاثة :- إما أن يفقد هذا الابن يموت بحادث لا علاقة للأب و لا بالناس فيه يموت ، من مرض ، يموت يسقط من جبل شاهق أو ما شابه ذلك، طبعاً لو حدثت هذه يصبح في الأب حزن و كمد على فقد الابن المرحلة الثانية : أعلى منها : أن يقتل الولد فإذا قتل الولد أصاب الأب كمد على ابنه و أصابه كمداً و ترة على من قتله . المرحلة الثالثة : أن يقتل الأب ابنه فيصبح رهين أمرين : # فقد الابن # و الشعور بالذنب أنه قتل الابن وبالطبع الثالثة هذه عقلياً أعلى واحده . إبراهيم عليه الصلاة و السلام كُلِّف بأدنى شيء و هو الرؤيا و ما كُلِّف به أعلى شيء و هو ذبح الولد و هذه فرصة لمن ؟! فرصة للشيطان لأن الشيطان سيأتي لإبراهيم و يقول له تقتل ابنك هذا لو أن الله كلمك لو جاءك جبرائيل لو نفث في روعك كان معقول لكن تقتل ابنك عشان شفت في المنام و رأيت في المنام أنك تذبحه هذه طريقة للشيطان لكنها وافقة قلباً هو قلب من ؟ هو قلب إبراهيم (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) [الصافات : 102] الإنسان ربيب ثقافته ربيب بيئته ربيب ما يراه ربيب ما يسمعه ربيب من يخالطهم ربيب من ينشأ معهم ، إسماعيل عليه الصلاة والسلام نشأ في بيت أبيه في بيت إبراهيم عليه الصلاة و السلام لما قال له أبوه : (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ) [الصافات : 102] و لم يقل : ( يا أبت افعل ما تريد ) لو قال : افعل ما تريد صار ابناً محبا لأبيه لكن لما قال ( يا أبت افعل ما تؤمر ) صار ابنا محباً لربه عز وجل . و هذا هو المقصود من الدين كله أن يبقى قلبك لله جل و علا وحده ، لا يبقى في قلبك مع الله جل و علا أحد و هذا الذي أراده الله جل و علا من تعظيم شعائره (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ) [الصافات : 102] فأراد إبراهيم أن ينجز أمر ربه لما قال : إسماعيل هذا أسلم نفسه لمن ؟ لله و لما همَّ إبراهيم بالذبح أسلم قلبه لله و قد قلت إن هذا هو المقصود كله من الدين فلما تم المقصود لم يبقَ حاجة أن يراق دم إسماعيل ، قال الله جل وعلا (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ) [الصافات :103إلى 108] أنا و أنت و الأمة كلها تضحي وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ* سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ* كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات :108 إلى 111] هذا الفعل الذي كان من أبي الأنبياء عليه الصلاة و السلام تركه الله جل و علا سنة ماضية فأمر الله جل و علا بالأضحية و أمر تبارك و تعالى بالهدي ، فالهدي و الأضحية لا يراد منهما إراقة الدماء و إنما يراد أن يسلم الإنسان قلبه لله عن طريق إراقة الدماء تقرباً لله جل و علا (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) [الحج : 37] و شتان بين من تُنحر أضحيته و هو لا يدري حتى ما لون الأضحية و ما شكلها و شتان من يقف على الأضحية أو يباشر الذبح بنفسه أو إن كان لا يعرف يذبح يقف عليها و يراها و هي تهرق و مع كل قطرة من دمها تخرج يتمنى من الله جل وعلا أن يقبلها و كل صوف منها يسلخ يتمنى من الله جل و علا أن يكتب له بها حسنات و كل لقمة منها يطعم بها أهله أو يهديها إلى صديق أو يعطيها إلى مسكين يتمنى من الله جل و علا أن يثيبه عليها أعظم الأجر و الثواب هذا عظم الشعيرة التي أرادها الله كما أخبر الله و كما أمر رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لا يعني ذلك أنها لو ذبحت و أنت لا ترى أنها غير مجزيه نحن لا نتكلم في أدنى الكفاف و أدنى المطلوب و إنما عنوان المحاضرة :" تعظيم شعائر الله " فالمقصود ما الذي يبلغ بقلب المؤمن المنازل العالية عند الله جل وعلا و منافسة الأقران من الأخيار و منزلة الصديقين في الأمة هو إتباع سنة نبينا صلى الله عليه و سلم وإتباع سنة أبي الأنبياء عليه الصلاة و السلام ، النبي عليه الصلاة و السلام محفوف مخدوم ، أصحابه أعظم الناس له طوعا و مع ذلك يباشر ذبح أضحيته بيديه و يضع قدمه على صحافهما و يأخذ المدية ثم يشحذها أي يسنها ثم يسمي الله و يكبر و يقول ( بسم الله الله اكبر اللهم هذا منك و إليك اللهم تقبل من محمد و آل محمد ) ثم يضحي الثانية ويقول : ( اللهم و هذا عمن لم يضحي من أمة محمد ) كم من الأخبار تقرأها في السيرة بعث أسامة بعث بلال ، أرسل أبي بكر ،دعا عليا ، بعث زيداً لكن في هذه الشعيرة باشرها صلى الله عليه وسلم بنفسه و نفذها عليه الصلاة والسلام بيده ، ولو قيل إنه نفذها مرة واحدة باشر الذبح بنفسه مرة واحدة لقلنا لبيان الجواز لكنا أنساً يقول : عشر سنين و النبي صلى الله عليه و سلم يضحي بيديه عليه الصلاة و السلام ينزل من المنبر يذهب إلى بيته يأخذ الأضحية يضحي صلى الله عليه و سلم بيديه الطاهرتين الشريفتين هذا يا أخي معنى تعظيم شعائر الله جل و علا على هذا يقال : إن شعائر الله جل و علا الهدي و الأضاحي أما الهدي ما يهدى إلى البيت ، و هو على قسمان : 1/ هدي واجب 2/ هدي نافلة و الهدي الواجب ينقسم إلى قسمين أيضاً: 1/ واجب للنسك ذاته كما في هدي التمتع و هدي القران 2/ وواجب و هو عند فعل المحظور إذا اختاره أو عند ترك واجب . أما النافلة أن يهدي الإنسان إلى البيت حتى لو لم يكن لا حاجاً و لا معتمراً فالنبي عليه الصلاة و السلام أهدى إلى البيت مائة ناقة و هو عليه الصلاة والسلام لم يحج في سنة تسع بعثها مع أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه و قد قال الله جل و علا وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) [الحج : 36] صواف : يعني قائمة، و الأصل : أنه يطلق على الخيل لكنه انتقل إلى الإبل مجازاً لأن الإبل تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى و قد رأى ابن عمر كما في صحيح مسلم و غيره ( رأى رجلاً يذبح بدنة و هي باركة فقال : قم و اجعلها قائمة معقولة سنة نبيكم صلى الله عليه و سلم) هذا الهدي الذي يساق إلى مكة ينبغي أن يذبح أين ؟! يذبح في الحرم قال الله جل وعلا ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : 33] و المراد بالبيت العتيق هنا / مكة كلها الحرم من مكة بمعنى :- لو نحر في مكة لو نحر في منى لو نحر في مزدلفة صح النحر لكن لا يصح في عرفات ولا يصح في الجعرانه لأنهما حل و لا يصح في أي حل آخر إنما يصح في الحرم نفسه كما أخبر صلى الله عليه و سلم ( نحرتها ها هنا وفجاج مكة كلها منحر ) هذا الهدي كما قلنا : المقصود منه التقرب إلى الله جل وعلا و كانت تشعر بمعنى : تودج قليلاً في سنام الإبل من الجهة اليمنى حتى يهرق الدم فيعرف من يراها أنها يراد بها القربة إلى الله جل و علا أو توضع عليها القلائد من جلد و هذه القلائد لا لتجلب منفعة و لا لتدفع مضرة لأنه لا يجلب النفع و لا يدفع المضرة إلا الله و إنما هذه القلائد حتى يعرف أنها يقصد بها وجه الله جل و علا فلا يقربها أحد و تعظم فتصبح شعيرة ثابتة منقولة يراها الحاضر والباد معظمين لها قال الله جل و علا : (لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) [المائدة : 2]فالهدي المقصود به في الأول الهدي غير المقلد أما القلائد المقصود به :- الهدي المقلد الموضوع عليه قلادة تميزه عن غيره حتى يعرف أنه أريد بها وجه الله جل و علا فلا يقربها أحد . كذلك الأضاحي في البيت من تعظيم تلك الشعيرة أن تسمن و أن يختار الإنسان أنفسها و أطيبها و أغلاها و ما يجزيء منها وجوباً :- الثنية من المعز و هو ما تم له سنة و من الإبل ما تم له خمس سنين و من البقر ما تم له ثلاث سنوات ومن الضأن ما تم له ستة أشهر فما فوق و يسمى جذعة و هذا فيه خلاف بين العلماء ، أما وقت النحر فلا نحر إلا يوم العيد بعد ارتفاع الشمس قيد رمح فأهل الأوطان غير الحجاج بعد صلاة العيد أما غيرهم لأنه لا صلاة عيد على الحجاج بعد ارتفاع الشمس قيد رمح يبدأ المسلمون بنحر هديهم و نحر أضاحيهم قربة إلى الله جل و علا يجوز أن يأكل الإنسان من هديه كما يجوز له أن يأكل من أضحيته قال الله جل وعلا (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحج : 36] ولو لم يأكل منها صح ولو أكلها كلها أجزأت لكن المفضل عند العلماء أن يجعلها أثلاثاً ثلثاً يأكله وثلثاً يهديه وثلثاً يتصدق به على الفقراء والمساكين هذا أطيب وأنفع ولو أطعم بها خاصة أهله وأصحابه كأصحاب البناء الواحد جاز ذلك . هذا أيها المؤمنون مجمل من شعائر الله جل وعلا التي أردنا بيانها . على أننا ننبه أن شعائر الله ليست محصورة فيما ذكرناه ، الأذان شعيرة ، صلاة العيدين شعيرة ، إقامة صلاة الجماعة شعيرة ، كل ذلك من شعائر الله التي أمر الله جل وعلا بها ودعا إليها . سائلين الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم ما قلناه وما سمعتموه وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم ، وسأجيب على بقية الأسئلة في خمس دقائق ثم ننهي المحاضرة لربما بعضكم صائمين يريد أن يأكل يطعم قبل دخول صلاة العشاء أو ربما بعضكم يريد أن يذهب إلى الحرم نحاول أن نجمع مابين المحاضرة واستثمار الوقت . س/ هل الأفضل إذا طلع الصفا أن يقرأ الآية أم الدعاء الذي ذكرت ؟ ج/ يقرأ الآية مرة واحدة وهو ذاهب إلى الصفا يقول : " " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ .." [البقرة : 158] أبدأ بما بدأ الله به ثم لا يتلوها بعد ذلك . س/ ما حكم من أراد أن يحج هذه السنة مع العلم أنه حج العام الماضي ؟ ج/ من حج تقبل الله جل وعلا منه . س/ ما هي مواطن إجابة الدعاء في الحج ؟ ج/ كثيرة : أثناء الطواف ، على الصفا والمروة ، بعد رمي الجمرات الصغرى والكبرى ، في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر هذه كلها من مواطن إجابة الدعاء . س/ هذا يتكلم عن تفسير رؤيا وليس لنا في تفسير الرؤيا نصيب . هذا ما أردنا بيانه سائلين الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .